فصل: اختلاف العلماء في توقيت المسح على الخفين‏

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن **


وإن كان المراد المسح على النعلين بانفرادهما، ففي النفس منه شيء، لأنه حينئذ لم يغسل رجله، ولم يمسح على ساتر لها، فلم يأت بالأصل، ولا بالبدل‏.‏

والمسح على نفس الرجل ترده الأحاديث الصحيحة المصرحة بمنع ذلك بكثرة، كقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ويل للأعقاب من النَّار‏"‏، والله تعالى أعلم‏.‏ * * *

المسألة الخامسة‏:‏

اختلاف العلماء في توقيت المسح على الخفين‏

فذهب الجمهور العلماء إلى توقيت المسح بيوم وليلة المقيم، وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر‏.‏

وإليه ذهب الأئمة الثلاثة‏:‏ أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم وهو مذهب الثوري، والأوزاعي، وأبي ثور، وإسحاق بن راهويه، وداود الظاهري، ومحمد بن جرير الطبري، والحسن بن صالح بن حسين‏.‏

وممن قال به من الصحابة‏:‏ علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس وحذيفة، والمغيرة، وأبو زيد الأنصاري‏.‏

وروي أيضًا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعن جميعهم‏.‏

وممن قال به من التابعين شُرَيْح القاضي، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز‏.‏

وقال أبو عمر بن عبد البر‏:‏ أكثر التابعين والفقهاء على ذلك‏.‏

وقال أبو عيسى الترمذي‏:‏ التوقيت ثلاثًا للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم هو قول عامة العلماء من الصحابة، والتابعين ومن بعدهم‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ التوقيت قول عامة الفقهاء، قاله النووي‏.‏

وحجة أهل هذا القول بتوقيت المسح الأحاديث الواردة بذلك، فمن ذلك حديث علي رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم، يوم وليلة‏"‏، أخرجه مسلم، والإمام أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان‏.‏

ومن ذلك أيضًا حديث أبي بكرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما‏"‏، أخرجه ابن خزيمة، والدارقطني، وابن أبي شيبة، وابن حبان والبيهقي، والترمذي في العلل، والشافعي، وابن الجارود، والأثرم في سننه، وصححه الخطابي، وابن خزيمة، وغيرهما‏.‏

ومن ذلك أيضًا حديث صفوان بن عسَّال المرادي قال‏:‏ ‏"‏أمرنا ـ يعني النَّبي صلى الله عليه وسلم ـ أن نمسح على الخفَّين إذا نحن أدخلناها على طهر ثلاثًا إذا سافرنا، ويومًا وليلة إذا أقمنا، ولا نخلعهما من غائط، ولا بول ولا نوم ولا نخلعهما إلا من جنابة‏"‏ أخرجه الإمام أحمد، وابن خزيمة والترمذي، وصححاه والنسائي، وابن ماجه، والشافعي، وابن حبان، والدارقطني، والبيهقي‏.‏

قال الشوكاني في ‏(‏نيل الأوطار‏)‏‏:‏ وحكى الترمذي عن البخاري، أنه حديث حسن، ومداره على عاصم بن أبي النجود، وهو صدوق، سييء الحفظ‏.‏

وقد تابعه جماعة، ورواه عنه أكثر من أربعين نفسًا قاله ابن منده اهـ‏.‏

وذهبت جماعة من أهل العلم إلى عدم توقيت المسح وقالوا‏:‏ إن من لبس خفيه، وهو طاهر، مسح عليهما ما بدا له، ولا يلزمه خلعهما إلا من جنابة‏.‏

وممن قال بهذا القول مالك، وأصحابه، والليث بن سعد، والحسن البصري‏.‏

ويروى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، والشعبي، وربيعة، وهو قول الشافعي في القديم، وهو مروي عن عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وعقبة بن عامر رضي الله عنهم‏.‏

وحجة أهل هذا القول ما رواه الحاكم بإسناد صحيح عن أنس رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذا توضَّأَ أحدكم، فلبس خفيه، فليمسح عليهما، وليصلِّ فيهما، ولا يخلعهما إن شاء، إلا من جنابة ونحوه‏"‏‏.‏

وأخرجه الدارقطني‏:‏

وهذا الحديث الصحيح الذي أخرجه الحاكم وغيره، يعتضد بما رواه الدارقطني عن ميمونة بنت الحارث الهلالية، زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم من عدم التوقيت‏.‏

ويؤيده أيضًا ما رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، عن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه، أنه زاد في حديث التوقيت ما لفظه‏:‏ ولو استزدناه لزادنا، وفي لفظ ‏"‏لو مضَى السائل علَى مسألته لجعلها خمسًا‏"‏ يعني ليالي التوقيت للمسح‏.‏

وحديث خزيمة هذا الذي فيه الزيادة المذكورة صحَّحه ابن معين، وابن حبان وغيرهما، وبه تعلم أن ادعاء النووي في ‏"‏شرح المهذب‏"‏ الاتفاق على ضعفه، غير صحيح‏.‏

وقول البخاري ـ رحمه الله ـ‏:‏ إنه لا يصحُّ عنده لأنه لا يعرف للجدلي سماع من خزيمة،

مبني على شرطه، وهو ثبوت اللقى‏.‏

وقد أوضح مسلم بن الحجاج ـ رحمه الله ـ في مقدمة صحيحه، أن الحق هو الاكتفاء بإمكان اللقى بثبوت المعاصرة، وهو مذهب جمهور العلماء‏.‏

فإن قيل‏:‏ حديث خزيمة الذي فيه الزيادة، ظن فيه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم لو استزيد لزاد، وقد رواه غيره، ولم يظن هذا الظن، ولا حجة في ظن صحابي خالفه غيره فيه‏.‏

فالجواب‏:‏ أن خزيمة هو ذو الشهادتين الذي جعله صلى الله عليه وسلم بمثابة شاهدين، وعدالته، وصِدْقُه، يمنعانه من أن يجزم بأنه لو استُزيد لزاد إلا وهو عارف أن الأمر كذلك، بأمور أُخر اطلع هو عليها، ولم يطلع عليها غيره‏.‏

ومما يؤيد عدم التوقيت ما رواه أبو داود، وقال‏:‏ ليس بالقوي عن أُبي بن عمارة رضي الله عنه ‏"‏أنه قال‏:‏ يا رسول الله أمسح على الخفين‏؟‏ قال‏:‏ نعم قال‏:‏ يومًا‏:‏ قال نعم، قال‏:‏ ويومين، قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ وثلاثة أيام، قال‏:‏ نعم، وما شئت‏"‏‏.‏

وهذا الحديث وإن كان لا يصلح دليلا مستقلًا، فإنه يصلح لتقوية غيره من الأحاديث التي ذكرنا‏.‏

فحديث أنس في عدم التوقيت صحيح‏.‏ ويعتضد بحديث خزيمة الذي فيه الزيادة، وحديث ميمونة، وحديث أُبي بن عمارة، وبالآثار الموقوفة على عمر، وابنه، وعقبة بن عامر، رضي الله عنهم‏.‏

تنبيه

الذي يظهر لي ـ والله تعالى أعلم ـ أنه لا يمكن الجمع في هذه الأحاديث بحمل المطلق على المقيد، لأن المطلق هنا فيه التصريح بجواز المسح أكثر من ثلاث للمسافر، والمقيم، والمقيد فيه التصريح بمنع الزائد على الثلاث للمسافر واليوم والليلة للمقيم‏.‏ فهما متعارضان في ذلك الزائد، فالمطلق يصرح بجوازه، والمقيد يصرح بمنعه، فيجب الترجيح بين الأدلة، فترجح أدلة التوقيت بأنها أحوط، كما رجحها بذلك ابن عبد البر، وبأن رواتها من الصحابة أكثر، وبأن منها ما هو ثابت في صحيح مسلم، وهو حديث علي رضي الله عنه المتقدِّم‏.‏

وقد ترجح أدلة عدم التوقيت بأنها تضمنت زيادة، وزيادة العدل مقبولة، وبأن القائل بها مثبت أمرًا، والمانع منها ناف له، والمثبت أولى من النافي‏.‏

قال مقيده عفا الله عنه‏:‏ والنفس إلى ترجيح التوقيت أميل، لأن الخروج من الخلاف أحوط، كما قال بعض العلماء‏:‏ وإن الأورع الذي يخرج من خلافهم ولو ضعيفًا فاستبن

وقال الآخر‏:‏ وذو احتياط في أمور الدين من فرَّ من شك إلى يقين

ومصداق ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏دع ما يريبك إلى ما لا يريبك‏"‏‏.‏

فالعامل بأدلة التوقيت طهارته صحيحة باتفاق الطائفتين، بخلاف غيره فإحدى الطائفتين تقول ببطلانها بعد الوقت المحدد، والله تعالى أعلم‏.‏

واعلم أن القائلين بالتوقيت اختلفوا في ابتداء مدة المسح‏.‏

فذهب الشافعي، وأبو حنيفة، وأصحابهما، وأحمد في أصح الروايتين عنه، وسفيان الثوري، وداود في أصح الروايتين، وغيرهم، إلى أن ابتداء مدة التوقيت من أول حدث يقع بعد لبس الخف، وهذا قول جمهور العلماء‏.‏

واحتج أهل هذا القول بزيادة رواها الحافظ القاسم بن زكريا المطرز في حديث صفوان‏:‏ من الحدث إلى الحدث‏.‏

قال النووي في ‏"‏شرح المهذب‏"‏‏:‏ وهي زيادة غريبة ليست ثابتة‏.‏

واحتجوا أيضًا بالقياس وهو أن المسح عبادة موقتة، فيكون ابتداء وقتها من حين جواز فعلها قياسًا على الصلاة‏.‏

وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن ابتداء المدة من حين يمسح بعد الحدث‏.‏

وممن قال بهذا، الأوزاعي، وأبو ثور، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وداود، ورجح هذا القول النووي، واختاره ابن المنذر، وحكي نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏.‏

واحتج أهل هذا القول بأحاديث التوقيت في المسح، وهي أحاديث صحاح‏.‏

ووجه احتجاجهم بها أن قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يمسح المسافر ثلاثة أيام‏"‏ صريح، في أن الثلاثة كلها ظرف للمسح‏.‏

ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان ابتداء المدة من المسح، وهذا هو أظهر الأقوال دليلا فيما يظهر لي، والله تعالى أعلم‏.‏

وفي المسألة قول ثالث، وهو أن ابتداء المدة من حين لبس الخف، وحكاه الماوردي والشاشي، عن الحسن البصري، قاله النووي، والله تعالى أعلم‏.‏ * * *

المسألة السادسة‏:‏ اختلف العلماء‏:‏ هل يكفي مسح ظاهر الخف، أو لا بد من مسح ظاهره وباطنه‏.‏

فذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه يكفي مسح ظاهره‏.‏

وممن قال به أبو حنيفة، وأحمد، والثوري، والأوزاعي، وحكاه ابن المنذر، عن الحسن، وعروة بن الزبير، وعطاء، والشعبي، والنخعي، وغيرهم‏.‏

وأصح الروايات عن أحمد أن الواجب مسح أكثر أعلى الخف، وأبو حنيفة يكفي عنده مسح قدر ثلاثة أصابع من أعلى الخف‏.‏

وحجة من اقتصر على مسح ظاهر الخف دون أسفله، حديث علي رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه‏"‏ أخرجه أبو داود، والدارقطني‏.‏

قال ابن حجر في ‏(‏بلوغ المرام‏)‏‏:‏ إسناده حسن‏.‏

وقال في ‏(‏التلخيص‏)‏‏:‏ إسناده صحيح‏.‏

واعلم أن هذا الحديث لا يقدح فيه بأن في إسناده عبد خير بن يزيد الهمداني، وأن البيهقي قال‏:‏ لم يحتج بعبد خير المذكور صاحبا الصحيح، اهـ‏.‏ لأن عبد خير المذكور، ثقة مخضرم مشهور، قيل‏:‏ إنه صحابي‏.‏

والصحيح أنه مخضرم وثقة يحيى بن معين، والعجلي، وقال فيه ابن حجر في ‏(‏التقريب‏)‏‏:‏ مخضرم ثقة من الثانية لم يصح له صحبة‏.‏

وأما كون الشيخين لم يخرجا له، فهذا ليس بقادح فيه باتفاق أهل العلم‏.‏

وكم من ثقة عدل لم يخرج له الشيخان?

وذهب الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ إلى أن الواجب مسح أقل جزء من أعلاه، وأن مسح أسفله مستحب‏.‏

وذهب الإمام مالك ـ رحمه الله ـ إلى أنه يلزم مسح أعلاه وأسفله معًا، فإن اقتصر على أعلاه أعاد في الوقت، ولم يعد أبدًا، وإن اقتصر على أسفله أعاد أبدًا‏.‏

وعن مالك أيضًا أن مسح أعلاه واجب، ومسح أسفله مندوب‏.‏

واحتج من قال بمسح كل من ظاهر الخف وأسفله، بما رواه ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن ورَّاد، كاتب المغيرة بن شعبة ‏"‏أن النَّبي صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخفِّ وأسفله‏"‏، أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي، وابن الجارود‏.‏

وقال الترمذي‏:‏ هذا حديث معلول، لم يسنده عن ثور غير الوليد بن مسلم، وسألت أبا زرعة ومحمدًا عن هذا الحديث فقالا‏:‏ ليس بصحيح اهـ‏.‏ ولا شك أن هذا الحديث ضعيف‏.‏

وقد احتج مالك لمسح أسفل الخف بفعل عروة بن الزبير رضي الله عنهما‏.‏

المسألة السابعة‏:‏ أجمع العلماء على اشتراط الطهارة المائية للمسح على الخف، وأن من لبسهما محدثًا، أو بعد تيمم، لا يجوز له المسح عليهما‏.‏

واختلفوا في اشتراط كمال الطهارة، كمن غسل رجله اليمنى فأدخلها في الخف قبل أن يغسل رجله اليسرى، ثم غسل رجله اليسرى فأدخلها أيضًا في الخف، هل يجوز له المسح على الخفين إذا أحدث بعد ذلك‏؟‏

ذهب جماعة من أهل العلم إلى اشتراط كمال الطهارة، فقالوا في الصورة المذكورة‏:‏ لا يجوز له المسح لأنه لبس أحد الخفين قبل كمال الطهارة‏.‏

وممن قال بهذا القول الشافعي وأصحابه، ومالك وأصحابه، وإسحاق، وهو أصح الروايتين عن أحمد‏.‏

واحتج أهل هذا القول بالأحاديث الواردة باشتراط الطهارة للمسح على الخفين، كحديث المغيرة بن شعبة، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال‏:‏ ‏"‏دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما‏"‏، متفق عليه، ولأبي داود عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏دع الخفَّين فإني أدخلت القدمين الخفَّين، وهما طاهرتان، فمسح عليهما‏"‏‏.‏

وعن أبي هريرة عند أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال له لما نبهه على أنه لم يغسل رجليه‏:‏ ‏"‏إني أدخلتهما طاهرتان‏"‏‏.‏

وفي حديث صفوان بن عسال المتقدم ‏"‏أمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر‏"‏، الحديث، إلى غير ذلك من الأحاديث‏.‏

قالوا‏:‏ والطهارة الناقصة كلا طهارة‏.‏

وذهب جماعة من أهل العلم إلى عدم اشتراط كمال الطهارة وقت لبس الخف فأجازوا لبس خف اليمنى قبل غسل اليسرى والمسح عليه، إذا أحدث بعد ذلك، لأن الطهارة كملت بعد لبس الخف‏.‏

قالوا‏:‏ والدوام كالابتداء‏.‏ وممن قال بهذا القول‏:‏ الإمام أبو حنيفة، وسفيان الثوري، ويحيى بن آدم، والمزني، وداود‏.‏ واختار هذا القول ابن المنذر، قاله النووي‏.‏

قال مقيده عفا الله عنه‏:‏ منشأ الخلاف في هذه المسألة هو قاعدة مختلف فيها، ‏"‏وهي هل يرتفع الحدث عن كل عضو من أعضاء الوضوء بمجرد غسله، أو لا يرتفع الحدث عن شيء منها إلا بتمام الوضوء‏"‏‏؟‏ وأظهرهما عندي أن الحدث معنى من المعاني لا ينقسم ولا يتجزَّأ، فلا يرتفع منه جزء، وأنه قبل تمام الوضوء محدث، والخف يشترط في المسح عليه أن يكون وقت لبسه غير محدث ـ والله تعالى أعلم، اهـ‏.‏

تنبيه

جمهور العلماء على اشتراط النية في الوضوء والغسل، لأنهما قربة، والنَّبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إنما الأعمال بالنيات‏"‏، وخالف أبو حنيفة قائلًا‏:‏ إن طهارة الحدث لا تشترط فيها النية، كطهارة الخبث‏.‏

واختلف العلماء أيضًا في الغاية في قوله ‏{‏إِلَى الْمَرَافِقِ‏}‏، هل هي داخلة فيجب غسل المرافق في الوضوء‏؟‏ ـ وهو مذهب الجمهور ـ أو خارجة فلا يجب غسل المرافق فيه‏؟‏

والحق اشتراط النية، ووجوب غسل المرافق، والعلم عند الله تعالى‏.‏

واختلف العلماء في مسح الرأس في الوضوء هل يجب تعميمه، فقال مالك وأحمد، وجماعة‏:‏ يجب تعميمه‏.‏ ولا شك أنه الأحوط في الخروج من عهدة التكليف بالمسح‏.‏ وقال الشافعي، وأبو حنيفة‏:‏ لا يجب التعميم‏.‏

واختلفوا في القدر المجزىء، فعن الشافعي‏:‏ أقل ما يطلق عليه اسم المسح كاف، وعن أبي حنيفة‏:‏ الربع، وعن بعضهم‏:‏ الثلث، وعن بعضهم‏:‏ الثلثان، وقد ثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم على العمامة‏"‏، وحمله المالكية على ما إذا خيف بنزعها ضرر، وظاهر الدليل الإطلاق‏.‏

‏"‏وثبت عنه صلى الله عليه وسلم المسح على الناصية والعمامة‏"‏، ولا وجه للاستدلال به على الاكتفاء بالناصية، لأنه لم يرد أنه صلى الله عليه وسلم اكتفى بها، بل مسح معها على العمامة، فقد ثبت في مسح الرأس ثلاث حالات‏:‏ المسح على الرأس، والمسح على العمامة، والجمع بينهما بالمسح على الناصية، والعمامة‏.‏

والظاهر من الدليل جواز الحالات الثلاث المذكورة، والعلم عند الله تعالى‏.‏ وما قدمنا من حكاية الإجماع على عدم الاكتفاء في المسح على الخف بالتيمم، مع أن فيه بعض خلاف كما يأتي، لأنه لضعفه عندنا كالعدم، ولنكتف بما ذكرنا من أحكام هذه الآية الكريمة خوف الإطالة‏.‏

‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ‏}‏

قوله تعالى‏:‏

{‏فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ‏}‏‏.‏

اعلم أن لفظة ‏{‏مِنْ‏}‏ في هذه الآية الكريمة محتملة، لأن تكون للتبعيض، فيتعين في التيمم التراب الذي له غبار يعلق باليد‏.‏ ويحتمل أن تكون لابتداء الغاية، أي مبدأ ذلك المسح كائن من الصعيد الطيِّب، فلا يتعين ماله غبار، وبالأول قال الشافعي، وأحمد، وبالثاني قال مالك، وأبو حنيفة رحمهم الله تعالى جميعًا‏.‏

فإذا علمت ذلك، فاعلم أن في هذه الآية الكريمة إشارة إلى هذا القول الأخير، وذلك في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ‏}‏ فقوله‏:‏ ‏{‏مِّنْ حَرَجٍ‏}‏ نكرة في سياق النفي زيدت قبلها ‏{‏مِنْ‏}‏ والنكرة إذا كانت كذلك، فهي نص في العموم، كما تقرر في الأصول، قال في ‏(‏مراقي السعود‏)‏ عاطفًا على صيغ العموم‏:‏ وفي سياق المنفي منها يذكر إذا بنى أو زيد من منكر

فالآية تدل على عموم النفي في كل أنواع الحرج، والمناسب لذلك كون ‏{‏مِنْ‏}‏ لابتداء الغاية، لأن كثيرًا من البلاد ليس فيه إلا الرمال أو الجبال، فالتكليف بخصوص ما فيه غبار يعلق باليد، لا يخلو من حرج في الجملة‏.‏

ويؤيد هذا ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أعطيت خمسًا لم يعطهن أحدٌ قبلي‏:‏ نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة، فليصلِّ‏"‏، وفي لفظ‏:‏ ‏"‏فعنده مسجده وطهوره‏"‏ الحديث‏.‏

فهذا نص صحيح صريح في أن من أدركته الصلاة في محل ليس فيه إلا الجبال أو الرمال أن ذلك الصعيد الطيب الذي هو الحجارة، أو الرمل طهور له ومسجد‏.‏ وبه تعلم أن ما ذكره الزمخشري من تعين كون ‏{‏مِنْ‏}‏ للتبعيض غير صحيح‏.‏ فإن قيل‏:‏ ورد في الصحيح ما يدل على تعين التراب الذي له غبار يعلق باليد، دون غيره من أنواع الصعيد، فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث حذيفة رضي الله عنه، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏فضِّلنا على الناس بثلاث‏:‏ جعلت صفوفنا كصفوف الملائكةِ، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورا، إذا لم نجد الماء‏"‏، الحديث، فتخصيص التراب بالطهورية في مقام الامتنان يفهم منه أن غيره من الصعيد ليس كذلك، فالجواب من ثلاثة أوجه‏:‏ الأول‏:‏ أن كون الأمر مذكورًا في معرض الامتنان، مما يمنع فيه اعتبار مفهوم المخالفة، كما تقرر في الأصول، قال في ‏(‏مراقي السعود‏)‏ في موانع اعتبار مفهوم المخالفة‏:‏

أو امتنان أو وفاق الواقع والجهل والتأكيد عند السامع

ولذا أجمع العلماء على جواز أكل القديد من الحوت مع أن الله، خص اللحم الطري منه في قوله‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا‏}‏، لأنه ذكر اللحم الطري في معرض الامتنان، فلا مفهوم مخالفة له، فيجوز أكل القديد مما في البحر‏.‏ الثاني‏:‏ أن مفهوم التربة مفهوم لقب، وهو لا يعتبر عند جماهير العلماء، وهو الحق كما هو معلوم في الأصول‏.‏ الثالث‏:‏ أن التربة فرد من أفراد الصعيد‏.‏ وذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يكون مخصصًا له عند الجمهور، سواء ذكرا في نص واحد كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ‏}‏ ، أو ذكرا في نصين كحديث ‏"‏أيما إهاب دبغ فقد طهر‏"‏ عند أحمد، ومسلم، وابن ماجه، والترمذي وغيرهم، مع حديث ‏"‏هلا انتفعتم بجلدها‏"‏ يعني شاة ميتة عند الشيخين، كلاهما من حديث ابن عباس، فذِكر الصلاة الوسطى في الأول، وجلد الشاة في الأخير لا يقتضي أن غيرهما من الصلوات في الأول، ومن الجلود في الثاني ليس كذلك، قال في ‏(‏مراقي السعود‏)‏ عاطفًا على ما لا يخصص به العموم‏:‏ وذكر ما وافقه من مفرد ومذهب الراوي على المعتمد

ولم يخالف في عدم التخصيص بذكر بعض أفراد العام بحكم العام، إلا أبو ثور محتجًا بأنه لا فائدة لذكره إلا التخصيص‏.‏

وأجيب من قبل الجمهور بأن مفهوم اللقب ليس بحجة، وفائدة ذكر البعض نفي احتمال إخراجه من العام، والصعيد في اللغة‏:‏ وجه الأرض، كان عليه تراب، أو لم يكن، قاله الخليل، وابن الأعرابي، والزجاج‏.‏